خافَ موسى يوم دعوتَهُ
لأنّه لم يكُن صاحبَ كلام،
وتردّد إرميا حين خاطبتَهُ
لأنّه كان لا يزالُ ولد،
وخاف يونانُ لمّا أرسلتَهُ
من وجوه من هو ذاهبٌ إليهم. استمر في القراءة “هبّ لي مخافةً… ولشعبكَ قوّةً”
لماذا التبخير؟
أخرجُ من منزلي الكائنِ وسط سوقٍ تجاريٍّ في كلِّ صباح، وأمرّ في المحال التجاريّة المزروعة إلى شمالي ويميني، وأرى على أعتابها مباخرَ ما زال الجمرُ فيها متّقدًا. ألتفتُ إلى أحدِ المتاجر، فأرى البائعَ يحملُ المبخرة العابقة بالبخور، يدور في الزوايا، يحرصُ على مباركة البضائعِ كلّها.
وأنا على عادتي أسائلُ كلّ شيء. أسائلُ نفسي، وأسائلُ الآخرين، وأسائلُ الله. فهذا حقّي. فقرّرت فيما يلي أن أسائل تلك المباخر المرصوفة في طريقي، أن أحاور عطورها علّها تُفهمني ما تقول، أن أتقصّى كالعادة من أين جاءَتنا، وإلى أين تُمضينا معها.
هذا هو جسدي… هذا هو دمي
ربّي يسوع،
إجعلني،
في كلّ يومٍ أقفُ فيه وراء المذبح
في كلّ يومٍ أرفعُ فيه الخبز والخمر
في كلّ مرّةٍ أقول فيها:
“هذا جسدي… هذا دمي”
أن أقدّم معهما جسدي ودمي
من أجل الكثيرين
من أجل أبناء رعيّتي وشعبي:
الذين أعرفهم والذين لا أعرفهم.
الذين يعرفون أو لا يعرفون…
فأنت، يوم خميس الأسرار،
أمرتنا أن نصنع ذلك لذكرك،
حتّى مجيئك…
أن نصنع ذلك تائقين إلى مجيئك.
أن نهب ذاتنا كما أنت فاعلٌ،
من أجل من نحبّ،
أن نُراق ونُمات،
من أجل من أنت تحبّ.
إجعلني خبزًا يُكسرُ،
من أجل غفران الخطايا.
إجعلني كرمًا يُعصرُ،
من أجل محو الذنوب.
إجعلني ذبيحةً تُبذلُ،
من أجلِ الحياة الأبديّة.
لي ولهم.
حسبي أن تُشركَ جسدي ودمي
في ذبيحتك يا ابن الله.
آمين.
أيّها الحبّ الكامل… كمِّل حبّنا
أيّها الربّ إلهنا،
جئناك اليوم وفينا الهمومُ الكثيرة.
فينا خوفٌ من المستقبل،
من المجهول،
من التحديّات.
فينا رهبةُ التحضّرِ للتحوّل الكبير.
تشغلُنا السؤالات.
يُخيفُنا فشل الآخرين.
يُروّعنُا منطقُ عالمنا الحاضر.
يُحبطُنا ما آلت إليه مجتمعاتنا. استمر في القراءة “أيّها الحبّ الكامل… كمِّل حبّنا”
هاك فراغي
ما أحوجني أن أقدّم لك شيئًا،
ولو تعبيرًا بسيطًا عن حبّي لك. استمر في القراءة “هاك فراغي”
صلاة الرسّام
ربّي وإلهي…
أنا إن تأمّلتُ جمالَكَ،
ما عرفتُ منهُ إلّا القليل.
وإن غصتُ في سرّك،
ما سبرتُ إلّا القليل.
وإن تخيّلتُ بهاء وجهِكَ،
ما رسمتُ إلّا القليل.
فأمام فيضِكَ
أنا لـستُ إلّا بقليل. استمر في القراءة “صلاة الرسّام”
لماذا نصلّي من أجل الموتى؟
ربّما خسرت مؤخّرًا من كان عزيزًا إلى قلبك. وما زال الخُسران يُبكي قلبك إلى الآن. ولأنّ فيك الكثير من الإيمان، صلَّيتَ إلى الله متضرّعًا لكي يرحم نفس من غاب عنك. ولجأتَ إلى الكنيسة طالبًا منها ما اعتدته وما تعلّمته من أهلك، أن تحفظ جنّاز الثالث أو الأسبوع، وجنّاز الأربعين، وذكرى السنة، وإلخ.
لكنّك عميقٌ في مسيرتِكَ الروحيّة، وتُسائلُ نفسكَ دائمًا عمّا تقوم به من تعبيرات عن إيمانك، وتمتحن صلاتَك بشكلٍ دائمٍ، فاحصًا معناها وغايتها. وها إنّك تسألُ إذا كان الله، الكلّي الرحمة، يحتاج لصلاتك أصلًا لينعم برحمته على فقيدك. وتسألُ أحيانًا إن كانت تضرّعاتك تغّير في حكم الله ودينه، سيّما أنّ الكثيرين يعتقدون أنّ لحظة الوفاة، هي لحظةُ إبرام الحكم النهائيّ الذي لا يتغيّر، يوم يذهب الأخيار إلى الحياة الأبديّة والأشرار إلى الموت الأبدي. استمر في القراءة “لماذا نصلّي من أجل الموتى؟”
أسألُكَ الصمت
وأنا إن أكثرتُ الكلام
فأنِّبْ شفتيّ
واجعل عليهما حارسًا ورقيبًا.
وإذا دنّستُ لساني
بالتعجرفِ وبأقوال الباطل،
وإذا تكلّمت من دون محبّةٍ
لأن زاد فيَّ غرور البلاغة،
أسكتني…
أسألكَ الصمت
كما زكريّا.
فأتأمَّل نقصي ووجعي إليك،
وأندهش بصنع يديك أكثر.
أسألك الحكمة
فلا أقول إلّا الحقّ.
أسألكَ التواضع
فأصون لساني عن قول اللّا شيء،
وعن السقوط في فخّ اللّا معنى.
أسألك الصبر،
فلا يخرج كلامي إلّا في حينه.
أسألك الوداعة،
فتَسكُت عدائيّتي وأذيّتي،
ولا أتكلّم إلّا باللطف.
أنقذني من نفسي يا ربّ
فأنا كما أشعيا دنسُ الشفتَين.
كم أشتهي جمرةً تحرقُ دنسي
علّي لا أنطق إلّا بطُهرك.
أسألك أن أصمت أنا
أَسكِتْ فكري
أَسكِتْ نفسي
أَسكِتْ فمي
أَسكِتْ قلمي
أَسكِتْ ريشتي
أَسكِتْ موتي
فحسبي أن أسكتَ أنا
وأن تتكلّم أنت.
إجعلني نبيًّا
أسألك
أن توقظ النبوّة في داخلي
أن تجعل منّي إيليّا
أو أشعيا
أو إرميا
أو يوحنّا المعمدان
لأصير صوتًا صارخًا
بوجه الفساد والخطيئة
بوجه الدنس وموت الروح
لأضع الفأس عند أصول الشجر
لأغرز إصبعي في جرحٍ علّه يؤلم أكثر… استمر في القراءة “إجعلني نبيًّا”
دعني أرحل
ربِّ، كم أرغبُ بالرحيل،
أن أتركَ الموطِنَ والأرضَ والعشيرةَ، وأن أتبعَكَ في تلكّ المغامرة،
حيثُ لا ضمانات منطقيّة، استمر في القراءة “دعني أرحل”