مِن حيثُ أنا إلى حيثُ أنتَ

وأنا ساجدٌ أمامكَ،
تتّقِدُ فيَّ رغبةٌ،
هي الأصدقُ بينَ رغائبي.
أظنّها رغبتي الحقيقيّةُ الوحيدة،
أن تندثِرَ المسافةُ بينَكَ وبيني،
وأن ينتهي زمنُ الانتظار.
هي رغبتي الحقيقيّةُ الوحيدة،
أن أتّحِدَ بكَ.

رغبتي هذه هي مِنكَ،
تقبِضُ عليَّ وتجذُبُني إلَيك.
تتأصّلُ في أجزائي،
فتندفعُ جميعُها إليك.
كُلُّ ما فيّ يعرِفُ أنّكَ أصلُهُ،
ويحنُّ إليك.
أمّا تِلكَ اللمساتُ الخفيفةُ الّتي لمستنيها،
فجعَلْتَني أكثرَ شوقًا إلَيك.

ها عيناي،
لمستَهُما بأصابِعِك على طريق أريحا،
وغسلتهما بطينِ الخلقِ،
كي تُبصرا،
فأبصرتا وجهَكَ القدّوس.
كما تُبصَرُ الأشياءُ في المرآة،
أبصرتا،
وتنتظرانِ أن تتأمّلاكَ وجهًا لوجهٍ.

ها شفتايَ،
أحرقْتَهُما بجمرَتِكَ.
وتبارَكَتا بلثمِ قدمَيكَ في منزِلِ سمعان الفرّيسي.
ولساني قَد ذاقَ ما أطيَبَكَ،
يا خُبزَ الحياة،
النازل مِن السماءِ قوتًا لا يفنى.

ها أذُنايَ،
أزلتَ عنهُما علَّتَهُما
في أرضِ الوثنيّين،
فسمعَتا نداءَك
يقودُني إلى المراعي الخصيبة،
أيُّها الراعي الصالِح.

ها يداي،
تشبَّثْتَ بهما وأنا أغرقُ في بُحيرةِ طبريّا،
فانتشلتَني إلى الحياة.
لمستا طرَفَ ردائكَ،
حينَ كُنتَ في طريقِكَ إلى بيتِ يئيرُس،
واستمدَّتا مِنكَ القوّة،
فوقفَ نزفُ دمي.
وأصابعي خطّتَ جراحَكَ فوقَ جسدِكَ،
في العليّةِ حينَ جئتنا قائمًا، ظافرًا،
فأعلنتُكَ: “ربّي وإلهي”.

جميعُ حواسي،
لأجلِ نزولِكَ إليها،
تتوقُ للارتقاءِ إليك.
جميعُ حواسي،
لأجلِ افتقادِكَ لها،
تحملُ فيها رغبتي الصادقة بالاتّحادِ الكاملِ بكَ.

جميعُ حواسي لَم تعُد كافيّة.
استجِب رغبتي،
الآنَ،
فلينتهي الزمان،
ولتأخُذني مِن حيثُ أنا إلى حيثُ أنت.

عائلة تُصلّي

تعلّمتُ صلاتي الأولى في عائلتي. هكذا هو حالُ الكثيرين مِن الّذينَ تلقّوا دروسَهُم المسيحيّة الأولى مِن أُمّهاتِهِم في المساءِ قبلَ نومِهِم. وصلاتي الأولى كانَت مِن أجلِ عائلتي. فجميعُنا قبلَ أن نسأل لنفوسِنا الأشياء، كُنّا نُصلّي مِن أجلِ “بابا” و”ماما” وإخوتِنا. في الصلاة الأولى، تتجلّى رغبةُ الإنسان القلبيّة في تحقيق دعوةِ العائلة الحقيقيّة، أن تكونَ على صورةِ الله الثالوث، شرِكةً في المحبّة. هكذا حسُنَ لدى الله – الثالوث أن يخلُقَ الإنسان عائلةً، على صورتِهِ كمثالِهِ. استمر في القراءة “عائلة تُصلّي”

لقاءٌ في البَعيد

كتَبتُ مُنذُ زمنٍ صلاةً عُنوانُها “دَعني أرحَل“.
في الأمسِ، عُدتُ إلَيها، أو رُبَّما أُعِدتُ إلَيها.
قرأتُها، صلَّيتُها، صلَّيتُ الزَمَنَ الّذي تلاها، وقرّرتُ أن أكتُبَ عَن لقائي بعدَ الرحيل،
عَن ذاكَ اللقاء في البعيد.

ربِّ،
في الماضي،
في أمسٍ ليسَ بالبعيد،
سَرَقَتْني الأفكارُ مِن انشغالاتي اليوميّة.
تبِعتُها،
واستسلمتُ لها.
أوقَدَتْ فيَّ رغبةً لَم أعرِفها مِن قبل،
فَرُحتُ أكتُبُها لكَ:

استمر في القراءة “لقاءٌ في البَعيد”

هَل فَشِلَ يسوعُ في إحلالِ السلام؟

لعلَّ السلامَ حلمُ الشعوبِ كُلِّها، تطلُبُهُ مُنذُ نشأتِها، فلا تحظى بِهِ إلّا لفتراتٍ وجيزةٍ مِن تاريِخها. انتظرَ شعبُ العهدِ القديم مجيءَ المُخلِّص، أمير السلام (أش 9، 6)، يُخلِّصُ بلادَهُ مِن وطأةِ الاحتلال ويُحقِّقُ سلامًا نهائيًّا أبديًّا. وها قَد مرَّت ألفا سنةٍ على مجيءِ أميرِ السلام وما زالَ العالَمُ يتخبَّطُ بالحروبِ والنزاعات، وقَد كلّف بِعضُها خسائِرَ بشريّة هائلة تفوقُ الملايين. فهل فشِلَ يسوعُ المسيح في إحلالِ السلامِ الموعود؟ استمر في القراءة “هَل فَشِلَ يسوعُ في إحلالِ السلام؟”

حنينٌ إلى الحُبِّ الأوَّل

تعودُ بي إلى لقاءَاتِنا الأولى،
يومَ كُنتُ لا أزالُ صغيرا…
وما أعظَمَ حنيني لأن أعودَ صغيرا!

يومَها،
لَم أكُن أعرِفُ في الصلاةِ مَدرَسةً،
بَل كانَت روحي فقيرة؛
ولَم أكُن أعرِفُ في العلمِ فلسفةً،
لكنَّكَ جَعَلتني بصيرا،
وأرَيتني مِن مجدِكَ حقيقةً،
فقرّرتُ مِن أجلِهِ المسيرَا.

وأنا أمشي،
إذا تَعبتُ،
إذا انكسرتُ،
إذا ضلَلتُ،
تعودُ بي إلى لقاءَاتِنا الأولى.

تعودُ بي إلى لقاءَاتِنا الأولى،
يومَ كُنتُ لا أزالُ صغيرا…
يومَ اكتَشَفتُ أنَّني أُحبُّكَ،
قبلَ كُلِّ شيءٍ وأكثرَ مِن أيِّ شيءٍ،
أُحبُّكَ…

تعودُ بي إلى لقاءَاتِنا الأولى،
وأنا ما أنا اليوم،
بفضلِ لقاءَاتِنا الأولى،
ومِن أجلِ لقاءَاتِنا الأولى.
هُناكَ اشتعلَتِ الرغبةُ فيَّ،
بأن أعرفكَ وأُحِبَّكَ.
وهُناك ولِدَت فيَّ الذكرى،
أنّني رغبتُ بأن أعرِفَك وأُحِبَّكَ.

في لقاءَاتِنا الأولى،
طعمٌ مِن لقائِنا الأخير…
حنيني إلى لقاءَاتِنا الأولى،
صارَ شوقًا للّقاءِ الأخير.
فاجعلني يا ربُّ أمينًا لحنيني،
لشوقي إليك،
أنت الحُبُّ الأوَّل،
والأخير.

يسوع الّذي يَضحَك

ضَحِكَ يسوع وهذا مؤكَّد. بما أنّهُ بكى مرّاتٍ ثلاث في الأناجيل، نستطيعُ القولَ أنّهُ ضَحِكَ أيضًا، وهذا مَنطقيّ. لأنَّ يسوعَ بتجَسُّدِهِ أخذَ طبيعَتنا البشريّة كاملة ولَم يستثنِ منها المشاعر. عاشَ بينَ شَعبِهِ، يفرحُ ويحزَن، ويرضى ويُشجِّع، ويغضب ويوبّخ، ويضحك ويَبكي. لكنَّ وجهَ يسوعَ الّذي يَضحَك لطالما كانَ شِبهَ مفقودٍ في وعي المؤمنين لأسبابٍ جمّةٍ لا مجالَ لتعدادِها كاملة. لذا، لا بُدَّ لنا أَن نُعيدَ اكتشافَ وجهَ يسوعَ الّذي يَضحك ونتأمَّله. استمر في القراءة “يسوع الّذي يَضحَك”

نَعبُرُ إلَيك

ماذا كُنَّا لولا انتصارِكَ؟
لكانَ الموتُ عدوًّا لنا،
نخافُهُ،
ومِن شدّةِ خوفِنا نعبُدُهُ.
لكُنَّا متى بلغناهُ زِلنا،
ولكانَ العدمُ يحصُدُنا.
أمّا أنتَ بقيامَتِكَ،
فجعَلتَهُ عبورًا إلى ديارِكَ.

لا حياةَ مِن دونِ إله.
لا حياةَ مِن دونِ إلهٍ يُعطي الحياة.
لا حياةَ مِن دونِ إلهٍ يموت،
ليُعيدَ إلينا الحياة.

ماذا كُنّا لولا انتصارِكَ؟
بكّاؤونَ، ندّابون،
على أنفُسِهِم ينتَحِبون،
يمضونَ العُمرَ يتودَّعون.
أمّا أنتَ بقيامَتِكَ،
فجَعَلتَنا أبناءَ رجاء؛
يفرحون.
يؤمِنون فيفرحون.
في جسدٍ واحدٍ يَتَّحِدون:
جَسَدِكَ،
فلا ينفصلون.

بهذا الرجاء
نذكُرُ اليوم مَن انفَصَلوا عنّا،
مَن تَرَكوا الأرضَ وعَبروا إلى السماء،
مَن تَركوا الحياةَ وعَبروا إلى الحياة.
أقِمهُم حيثُ وَعدتَنا،
في المَلَكوت الّذي أعدَدتَهُ لنا.

وإذا تألَّمنا لغيابِهِم،
وتألَّمنا حتَّى شَكَكنا،
وتألّمنا حتَّى نَسينا الرجاء،
أعطِنا مِن لدُنكَ العزاء،
يا سيّدَ العَزاء.
آمين.

الوَقتُ لله

اللهُ خَلَقَ. خلَقَ وأعطى خَلقَهُ. أعطاهُ الوقت. وجَعَلَ للوقتِ نهايةً. أرادهُ جميلًا فجَعَلهُ ذا نهاية. لأنَّ النهايةَ تمنحُ الأشياءَ قيمَتها. والإنسانُ، صورةُ اللهِ، وحدَهُ في الخلقِ يعرفُ الوقتَ. يَجِدُهُ ويَسرِقُهُ ويُسابِقُهُ ويُضيّعُهُ وينساه. يُصادِقُهُ أحيانًا ويُعاديهِ أحيانًا أُخرى. يتعايشان ومن ثمَّ يتماوتان. استمر في القراءة “الوَقتُ لله”

ماذا يعني أن أُسلِّمَ ذاتي لله؟

وَرَدني هذا السؤال مُنذُ أسبوعَين ولم أشأ أن أُقدِّمَ جوابًا مُتسرِّعًا، بل أردتُ أن أُفكِّرَ مليًّا، أن أبحث في الكتاب المُقَدَّس، أن أستشيرَ الكتبَ الروحيّة واللّاهوتيّة، وأن أبني مقالًا مُتناسقًا علميًّا يُقدِّمُ أجوبةً منطقيّةً، مُقنعةً، ومدُعّمة بباقة من الآيات الكتابيّة. خانَتني قُدُراتي وإلى اليوم لم أكُن بعد قد وجدتُ جوابًا. استمر في القراءة “ماذا يعني أن أُسلِّمَ ذاتي لله؟”

مُغامرةُ التكرُّس في عصرِنا

راهبةٌ عجوزٌ استقلَّت الباصَ هذا الصباح. جَلَسَتْ قُبالتي تتأمَّلُ الرُكّابَ مُبتسمَةً، وكأنَّها في وجوهِهِم تَستَشِفُ تأمُّلًا في عظمةِ الخالِق. جذَبَت ابتسامَتُها صبيّةً عشرينيّة، فسارَعَت تِلكَ الأخيرة للجُلوسِ بقُربِها، وراحت تُحدِّثُها. لا أخفي كَم تفاجأت! من يرى اللهفةَ الباديةَ على وجهِ الفتاة، يلمسُ شوقَها إلى فرحٍ تعرِفُ تمامًا أنّ الراهبة العجوز قد وجدَتهُ. تِلكَ الصبيّة كأترابِها تبحثُ عنِ الفَرَح. جميعُنا نبحثُ عنهُ. نعرِفُ أينَ نَجِدُهُ، ولكنّنا نتردَّدُ في المضيِّ إليه. استمر في القراءة “مُغامرةُ التكرُّس في عصرِنا”

المدونة على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑