لماذا الله لا يستجيب؟

اعتدت الصلاة منذ فترةٍ طويلة، ومنذ سنوات وأنت تسامر الربّ يسوع في كلّ مساء، تحدّثه ويصغي إليك. لا تجمعك به علاقة مصالح، بل صداقة مجّانيّة قديمة. وأنت لا تأتيه مُرغمًا في كلّ مساء لتتمتم له الكلمات التي حفظتها، لأنّ “الدين يفرض الصلاة عليك”، بل لأنّك تحبّه بصدقٍ. باختصار، علاقتكما ناضجة!

طلبٌ مُستحيل

لكنّ تلك الطلبة التي لا طالما سألت الربّ يسوع أن يمنحك إيّاها تبقى عالقة. وأنت من كلّ قلبك ترغب بها وكأنّك تعلم ضمنيًّا أنّها نصيبك وسبب سرورك. تترجّى الربّ يسوع لسنواتٍ كثيرة، وهو لا يُجيب. يمنحك كلّ ما تسأل، إلّا تلك الطلبة التي بدأت تشعر أنّها مستعصيّة. تشعرُ أحيانًا، أنّ يسوع، حين تأتي على ذكرها، يُغلق لك أذنيه. أوليس هو فاحص الكلى والقلوب والعارف بحاجتك؟ كيف له أن يمنع عنك ما أنت فعلًا بحاجةٍ إليه؟

فعلت المستحيل. صلّيت لسنواتٍ طويلة. ذهبت لزيارة الأماكن المقدّسة، وهناك قدّمت التقادم رافعًا معها طلبتك. مارست الصوم والتقشّف مُشركًا آلامك بآلام الربّ يسوع علّه يمنحك ما تريد. ولكنّه لم يفعل. ذهبت إلى الكاهن، إلى مُرشدك الروحيّ، طلبت منه أن يصلّي معك ولك، ولا تزال رغبةُ قلبك محجوبة عنك. وما أقسى ما تشعر به!

العطيّة المجّانيّة

بدايةً، أنا مقتنع أنّ عطايا الله هي مجّانيّة، وهي دون أي مقابل منّي. فلا علاقة بين ما أفعله أنا، من صالحات أو طالحات، بما يُعطيني إيّاه الله. فهو عكس ما تتوقّع، يُشرق شمسه على الأشرار والأبرار، فلا يمنع عنّك العطيّة بسبب خطيئة، ولا يمنحك إيّاها مكافأةً لأعمالك الصالحة. والحال أنّ الله العارف بالخفاء، يُدرك أكثر منّا حاجاتنا ويمنحنا إيّاها، تمجيدًا لاسمه وخيرًا للكنيسة.

وكم من العطايا يمنحناها الله دون أن نسأله، أو حتّى دون أن نشعر بالحاجة إليها. فمثلًا، أعطانا جسدًا، فكرًا، صحّةً، عائلةً، مواهبًا، كنيسةً، رعيّةً، منزلًا… ناهيك عن العطايا التي خصّصك بها لتكون لك الحياة بوفرة. وكلّها دون أي استحقاقٍ منك.

إذن، الله ليس بحاجة لصلاتك ولا لجهودك ليعطيك… تفاجأت؟

هذا لا يعني أن تتوقّف عن الصلاة… طبعًا لا.

لكي نفهم لماذا نصلّي علينا أن نعرف أنّ الله آب. فالأب الذي يحبّ ابنه يفرح بصلاة ابنه الذي يأتي إليه مسلّمًا ذاته، ولو أنّ الصلاة لا تزيدُهُ لا قدرًا ولا قداسة. وأن تطلب منه، هو جزءٌ من تربيته لك.

إله كلّ تعزية

لماذا الله لا يستجيب لك؟ لا أعرف، ولا تدع أحد يُقنعك أنّه يعرف. قد يفهم، بعض الشيء، لماذا لا يستجيب الله له، لكن لماذا لا يستجيب لك أنت، فهذا ليس من شأنه. إن كنت تحبّ الله فأنت لن تتوقّف عن الصلاة، ولن تتوقّف عن طلباتك. لن تتوقّف عن تسليمه ذاتك بكليّتها. ولو أنّ اختبارك فيه الألم الكبير، فالله يُعزّي قلبك. تذكّر القدّيس بولس حين عزّاه الله بعد صراعٍ طويلِ مع “شوكته” قائلًا له: “تكفيك نعمتي”. إن كنت تتألّم، وهو لا يستجيب، أطلب منه التعزية، وهو حتمًا يعزّيك. وستختبر أنّ فرح التعزية أعظم من فرح الإستجابة.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

المدونة على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑

%d مدونون معجبون بهذه: