علَّمَتني مريمُ أن أفرحَ، وأنَّ الفرحَ يكونُ في خدمةِ الآخرين. فالَّتي جعلَها ابنُ اللهِ أمَّ جميعِ البرايا، صيَّرها لنا الشفيعةَ والمثالَ، تتضرَّعُ مِن أجلِنا جميعًا، وتعلِّمُنا مِن خلالِ المثالِ الَّذي تقدِّمُهُ لنا.
البحارُ مَوطئُ قدمَيكَ… وقدمَّيَ
ربِّ،
إليكَ أسيرُ بِلا شيءٍ،
كما أوصيتني:
لا أحملُ في الدربِ عصًا،
ولا قوتًا،
ولا لباسًا… استمر في القراءة “البحارُ مَوطئُ قدمَيكَ… وقدمَّيَ”
ندوبُ الخَطيئة
كُلُّ جُرحٍ عميقٍ يترُكُ وراءَهُ الندوبَ حتّى بعدَ الشفاء. غالبًا ما تكونُ تِلكَ الأخيرة بحجمِ الجُرحِ وعلى شكلِهِ، تبقى علامةً في أجسادِنا، تُذكِّرُنا بما قاسَينا، وتُذكِّرُنا أيضًا أنَّنا شُفينا مُتغِّلبينَ على الجراح.
فليكُنْ صليبُكَ حارسًا لي!
يا مَن خُلِقَ كُلُّ شيءٍ بِهِ،
ها إنَّكَ مَصلوبٌ،
صَلَبَهُ الخَلقُ على مخلوقٍ،
فجدَّدَ بصلبِهِ الخَلقَ الصالِبَ،
وجعلَ المخلوقَ الّذي صُلِبَ عليهِ
أداةَ خلاصٍ لمَن قتلوهُ بصلبِهِ.
شئتَ بحُبِّكَ أن تمحوَ الآثام،
ما اقتُرِفَ قبلَك،
وما قَد يُقتَرَفُ بعدَك،
لأنَّ حُبَّكَ أوسعُ مِن الأيّام.
شئتَ بحُبِّكَ أن تمنحَ الحياة،
عوضًا عَن ميتةٍ ذُقتَها وحدَك،
عن جميعِنا،
ومِن أجلِ جميعِنا،
فلا يموت أحدٌ بَعدَك،
بَل تكون لجميعنِا وافرةٌ الحياة.
شئتَ أن تَحمِلَ في جَسَدِكَ،
ما كانَ لأجسادِنا مِن تمزُّقٍ،
استحققناهُ لأجلِ مُراقصتِنا الشياطين،
وما كان لأجسادِنا مِن تعرُّقٍ،
استحققناهُ لأجلِ تمرُّدِنا على الوصيّة،
وطاعتِنا أضاليلَ الثعابين.
فلَحَمْتَ بجُرحِكَ جِراحَاتنا العصيّةَ،
وجمعَتَ شَتاتَنا في جَسَدِكَ.
شئتَ أن تكونَ آخِرَ المصلوبين،
وألّا تُقرَّبَ بَعدَكَ أيُّ أُضحِيّة.
إسَتسلمتَ وديعًا صامتًا لأيدي الصالبين،
فأمسَيتَ باكورةَ الراقدين،
وأصبَحتَ رأسَ القائمين،
تمنحُ بقيامَتِكَ الحياةَ الأبديّة.
فيا مانِحَ الحياةِ لفاقِديها،
ومُعطي العطايا لسائليها،
شئتَ أنتَ وحقّقتَ،
وشئتُ أنا فتقّربتُ،
هبني ألّا أترُكَ الحياةَ الّتي مِنكَ،
وألّا أبحَثَ خارجًا عَنكَ،
وليكُنْ صليبُكَ حارسًا لي!
أُترُك كُلَّ شيءٍ واتبَعني!
كثيرونَ سمعوا دعوةَ الربِّ يسوعَ وتركوا كُلَّ شيءٍ وتبعوه. تَرَكَ الرُسُل كُلَّ شيءٍ: البيتَ، والوالدَينِ، وشباكَ الصيد، وطاولة الصَيرفة. وقدّيسونَ كثيرونَ فعلوا أيضًا كذلِكَ، وتخلّوا عمّا كانوا يملكونَ من ثرواتٍ. منهم أنطونيوس وفرنسيس وكلارا وأسماء لا تُحصى ولا تُعدّ. وبيننا الكثيرون مِن الّذينَ يرغبونَ بالتخلّي أيضًا عن كُلِّ شيء، استجابةً لدعوةِ يسوع، فحبُّهُ يبلُغُ فينا الغاية ونُريدُ أن نُحقّق بجذريّةٍ ما يدعونا إليهِ. لكنَّ عالمَ اليوم يُعطي أهمّيّةً للمالِ وللمادّة أكثَرَ من أيِّ وقتٍ مضى. وصارَت الحياةُ في التخلّي شبه مُستحيلة، حيثُ ازدادَت حاجةُ الناس إلى الأشياء والمُقتنيات، وكأنَّ الحياة من دونِها مُستحيلة.
ألتقي يسوعَ في الكنيسة
يُفرحُنا أن نرى بيننا شُبّانَ وشابات، يبحثونَ بجدّيّةٍ عن اختباراتٍ شخصيّةٍ تجمعُهُم بيسوع. فهؤلاء، الّذين يزدادونَ عددًا في عالمٍ يبحثُ عنِ المعنى الحقيقيّ للحياة، تخطّوا مظاهِرَ التديُّن الّذي يقوم على شعائرَ وطقوس، وراحوا يبحثونَ جدّيًّا عَن علاقةٍ تجمعُهُم بمخلّصِهِم، يختبرونَ من خلالها قربَهُ الحقيقيّ منهم. استمر في القراءة “ألتقي يسوعَ في الكنيسة”
مِن حيثُ أنا إلى حيثُ أنتَ
وأنا ساجدٌ أمامكَ،
تتّقِدُ فيَّ رغبةٌ،
هي الأصدقُ بينَ رغائبي.
أظنّها رغبتي الحقيقيّةُ الوحيدة،
أن تندثِرَ المسافةُ بينَكَ وبيني،
وأن ينتهي زمنُ الانتظار.
هي رغبتي الحقيقيّةُ الوحيدة،
أن أتّحِدَ بكَ.
رغبتي هذه هي مِنكَ،
تقبِضُ عليَّ وتجذُبُني إلَيك.
تتأصّلُ في أجزائي،
فتندفعُ جميعُها إليك.
كُلُّ ما فيّ يعرِفُ أنّكَ أصلُهُ،
ويحنُّ إليك.
أمّا تِلكَ اللمساتُ الخفيفةُ الّتي لمستنيها،
فجعَلْتَني أكثرَ شوقًا إلَيك.
ها عيناي،
لمستَهُما بأصابِعِك على طريق أريحا،
وغسلتهما بطينِ الخلقِ،
كي تُبصرا،
فأبصرتا وجهَكَ القدّوس.
كما تُبصَرُ الأشياءُ في المرآة،
أبصرتا،
وتنتظرانِ أن تتأمّلاكَ وجهًا لوجهٍ.
ها شفتايَ،
أحرقْتَهُما بجمرَتِكَ.
وتبارَكَتا بلثمِ قدمَيكَ في منزِلِ سمعان الفرّيسي.
ولساني قَد ذاقَ ما أطيَبَكَ،
يا خُبزَ الحياة،
النازل مِن السماءِ قوتًا لا يفنى.
ها أذُنايَ،
أزلتَ عنهُما علَّتَهُما
في أرضِ الوثنيّين،
فسمعَتا نداءَك
يقودُني إلى المراعي الخصيبة،
أيُّها الراعي الصالِح.
ها يداي،
تشبَّثْتَ بهما وأنا أغرقُ في بُحيرةِ طبريّا،
فانتشلتَني إلى الحياة.
لمستا طرَفَ ردائكَ،
حينَ كُنتَ في طريقِكَ إلى بيتِ يئيرُس،
واستمدَّتا مِنكَ القوّة،
فوقفَ نزفُ دمي.
وأصابعي خطّتَ جراحَكَ فوقَ جسدِكَ،
في العليّةِ حينَ جئتنا قائمًا، ظافرًا،
فأعلنتُكَ: “ربّي وإلهي”.
جميعُ حواسي،
لأجلِ نزولِكَ إليها،
تتوقُ للارتقاءِ إليك.
جميعُ حواسي،
لأجلِ افتقادِكَ لها،
تحملُ فيها رغبتي الصادقة بالاتّحادِ الكاملِ بكَ.
جميعُ حواسي لَم تعُد كافيّة.
استجِب رغبتي،
الآنَ،
فلينتهي الزمان،
ولتأخُذني مِن حيثُ أنا إلى حيثُ أنت.
عائلة تُصلّي
تعلّمتُ صلاتي الأولى في عائلتي. هكذا هو حالُ الكثيرين مِن الّذينَ تلقّوا دروسَهُم المسيحيّة الأولى مِن أُمّهاتِهِم في المساءِ قبلَ نومِهِم. وصلاتي الأولى كانَت مِن أجلِ عائلتي. فجميعُنا قبلَ أن نسأل لنفوسِنا الأشياء، كُنّا نُصلّي مِن أجلِ “بابا” و”ماما” وإخوتِنا. في الصلاة الأولى، تتجلّى رغبةُ الإنسان القلبيّة في تحقيق دعوةِ العائلة الحقيقيّة، أن تكونَ على صورةِ الله الثالوث، شرِكةً في المحبّة. هكذا حسُنَ لدى الله – الثالوث أن يخلُقَ الإنسان عائلةً، على صورتِهِ كمثالِهِ. استمر في القراءة “عائلة تُصلّي”
نحو عائلةٍ أفضَل
يلتَزِمُ الكثير من الشبّان والشابات في مُنظّمات وفرق رعويّة، يتنشّؤون فيها على الإيمان، ويختبرونَ في كنفِها، مِن خلالِ نشاطاتِها الروحيّة، لقاءات شخصيّة وفريدة مَع يسوع. أمّا من يُخبِرونَ والديهِم عَن هذه الاختبارات فهُم نادرون. فيحيونَ حياةً مسيحيّة مُلتَزِمة يبقونها بعيدة عَن بيوتِهِم، كأنّ العائلة والكنيسة هما مكانانِ مُنفصلان مُتناقضان. هكذا هو الحال أيضًا مَعَ الوالدَينِ اللّذَينِ يخجلانِ مِنَ الحديثِ في الأمورِ الروحيّة أمام أولادِهِم. استمر في القراءة “نحو عائلةٍ أفضَل”
لقاءٌ في البَعيد
كتَبتُ مُنذُ زمنٍ صلاةً عُنوانُها “دَعني أرحَل“.
في الأمسِ، عُدتُ إلَيها، أو رُبَّما أُعِدتُ إلَيها.
قرأتُها، صلَّيتُها، صلَّيتُ الزَمَنَ الّذي تلاها، وقرّرتُ أن أكتُبَ عَن لقائي بعدَ الرحيل،
عَن ذاكَ اللقاء في البعيد.
ربِّ،
في الماضي،
في أمسٍ ليسَ بالبعيد،
سَرَقَتْني الأفكارُ مِن انشغالاتي اليوميّة.
تبِعتُها،
واستسلمتُ لها.
أوقَدَتْ فيَّ رغبةً لَم أعرِفها مِن قبل،
فَرُحتُ أكتُبُها لكَ: