من يتأمّلُ الحياةَ يَقلَق. وقَلَقُهُ جميل. لا أتكلّمُ عن القلقِ المَرَضيِّ الّذي يصيبُ بعضَ النفوس، بل عنِ النعمةِ الّتي أُعطيَت للجميع. أمّا مَن قبِلوها فقليلون. فالحياةُ تدفعُ الإنسانَ الجديَّ للبحثِ عن معناها، وللجدِّ في السُبُلِ الّتي تسمحُ لهُ عيشَها بملئها. يشعُرُ الإنسانُ أنّهُ غيرُ مُكتَفٍ ويُريدُ أكثر. غير مُكتفٍ بالإجاباتِ الّتي يملِكُها لأنّها لا تروي، وغيرُ راضٍ عمّا آلَ إليهِ لما فيهِ من شوقٍ نحو الكمال. يسبُرُ في جوفِهِ ذاك الاضطراب الوجوديّ، فيحمِلُهُ زادًا في الطريقِ نحو إنسانٍ أفضَل.
يقلقُ الإنسانُ لما يدورُ حولَهُ من غموض. الحياةُ بعدَ الحياةِ غامضة، والأغربُ أنّ الحياةَ أثناءَ الحياةِ أيضًا غامضة. أسئلةٌ كثيرةٌ يطرحُها: “من صنَعَ كُلَّ شيءٍ ولماذا؟ وماذا عن إيماني، هل هو الصحيح؟ الله: مَن، ماذا، لماذا؟ وأنا؟ من أنا؟ موجودٌ أنا؟ حُرٌ أم أسيرُ الوجود؟ من الآخَر؟ أنا أوجدتُهُ أم هو موجود؟” كلُّ شيءٍ يتّشِحُ بالغموض. ومن يسألُ هذا كُلَّهُ اكتشفَ في ذاتِهِ قلقَ الوجود.
ويقلقُ الإنسانُ أمامَ نفسِهِ، لأنّهُ في مسيرةِ اكتشافٍ تنطلقُ باتّجاهينِ: واحدٌ نحو نفسِهِ وآخرٌ نحو الله. ربّما هُما الاتجاه نفسه، وربّما يتباعدان. وأمامَ كُلِّ تفصيلٍ جديدٍ، يقفُ الإنسانُ مُندهشًا. كلّ ما ازدادَ الإنسانُ معرفةً لنفسِهِ، لماضيهِ وحاضِرِه ومُستقبَلِهِ، ازداد اندهاشًا وازداد قلقًا. فالاندهاشُ مُقلِقٌ. يدفعُهُ للبحثِ أكثَر.
نعمةُ القَلَق أُعطيَت للجميع، لكنّ قليلونَ يستفيدونَ منها. لأنَّ كثيرون تاهوا في التفاصيل المضلّلة. أحلامُهُم ضيِّقة لا تساعُ أيَّ قلقٍ. عميَت عيونُهُم عن رؤية باطنِ الأشياء، لأنَّ العالمَ يَتمادى في إخفائهِ خلفَ قشورٍ باطلة. تمضي سنواتُ العُمرِ، وتُراقُ، من دونِ أن يُستَفادَ منها، ويكبُرُ الجَسَدُ ويشيخ، مِن دونِ أن يكبُرَ الإنسان، لا في النعمةِ ولا في الحكمة.
إنّها النعمةُ الّتي أُعطيَت للجميع. اضطرابٌ يدفعُنا لنطلُب الله أوّلًا. ويسوعُ في دعوتِهِ لنا للذهابِ نحو العمق، أرادَنا بحّارةً في مسيرةِ الاكتشاف، في اتجاهَين، نحو الذاتِ ونحو الله. في الواقع، ازددتُ قناعةً أنّ عالمنا يفتقرُ إلى قلقين ليكونَ أفضل، ويحتاجُ إلى من يسمعُ الربّ يدعوهُ إلى العمق. فلنقلق!
النعمه الاهم ان نكون منذ الطفوله عندنا احساس فطري للبحث عن الخير وان لا يعيقنا عن تصميمنا واندفاعنا اي نوع من محاربات عدو الخير لنا ومن كانت نفسه مباركه ولديه المحبه التي هي النعمه الاهم سيصل الى سر الحياة الارضيه والسماويه وكلما بحث الانسان عن المعرفه بدافع النعمه والبركه سييجعل الله كل السبل مفتوحه امامه وسينصره في كل المحن ويعطيه قوة وثباتا وايمانا لا حدودله انا اتكلم عن خبره سلم قلبك لله وهو المحب العادل سيدلك على كل ما تريد معرفته
إعجابإعجاب