هل الله يَسمَعُني؟
نعم!
إنتهى المقال…
آه، تريدُ شرحًا أكثَر؟
لما؟
هل لأنَّكَ مرارًا تُجالسُ الله في الصلاةِ ولا يُقابلُكَ بأيِّ جوابٍ مُباشرٍ ملموس؟ هل لأنّك تضعُ أمامهُ حياتَكَ وأحلامَكَ وأمانيَ قلبِكَ والكثيرُ منها لا يتحقّق؟
حسنًا، من حقِّكَ أن تسأل.
أنا أيضًا تساءَلتُ عنِ الموضوع.
وأنا اليومَ أُدرِكُ أنّ اللهَ يُصغي إليّ. تنتابُني بعضُ الشكوكِ أحيانًا، لكنَّ لا شيءَ يُثنيني عنِ الإيمانِ بأنّ الله يُصغي إليَّ، لأنَّ الحقيقةَ تِلك، تلمَّسْتُها في تاريخي مع الله، وشعرتُ بها في عُمقِ نفسي، وأدركتُها في فِكري.
لَن أُخبِرَكَ لا عن اختباري ولا عن مشاعري. فأنت أيضًا، إذا ما قرأتَ حياتَكَ وفتَحتَ قَلبَكَ لِلَّه، ستختبِرُ حضورَهُ وإصغاءَهُ الدائمَ لكَ.
لسنا أنتَ وأنا أوّلَ مَن يسألُ إذا كانَ اللهُ يسمَعُهُ. فالشعوبُ القديمةُ الَّتي عبدَت الأوثان، اخترَعَت لها آلهةً على شكلِ آذانٍ ضخمة، وظيفتُها أن تَسمَعَ إلى تضرُّعاتِ الإنسان. لكنَّ الآلهةَ تلكَ بقيَتْ صمّاء. إلى أن سمِعَ أبرامُ يومًا ما إلَهًا يتكلَّم (تك 12)، وبالطبعِ يُصغي، كانَ يستَحِقُّ أن يترُكَ الإنسانُ كلَّ شيءٍ ويتبعَهُ. فأن يكونَ إلهُكَ إلهٌ يُصغي ويتكلَّم هو أثمنُ ما في الوجود. بعدَها، عَرَفَ شعبُ إسرائيلَ إلَهًا سَمِعَ صُراخَهُ في الشدّةِ، وفي أرضِ العبوديّة، وفي السبي، وفي الانقسام، فأقامَهُ ونجّاه. وفي ملءِ الزمنِ كلّمنا اللهُ في ابنِهِ – الكلمة – الَّذي جَعَلهُ وارثَا لكلِّ شيء (عب 1، 2)، بهِ كلَّمَنا كاشفًا عن ذاتِهِ. فمَن رأى يسوعَ رأى الآب (يو 14، 8).
ويسوعُ كلمةُ اللهِ، لطالما كانَ مُصغيًا لمَن وافاهُ، يُبادرُ ويسألُ الإنسانَ عن رغبَتِهِ. فنراهُ مثلًا، يستوقفُهُ صُراخُ الأعمى على طريقِ أريحا، فيتوقَّفُ ويسألُهُ: “ماذا تُريدُ أن أصنَعَ لَك؟” (مر 10، 51)، ليصنَعَ لهُ ما أرادَهُ بعدها. وقد كَشَفَ لنا يسوعُ أنّ جوهرَ اللهِ مَحَبَّة، وأنَّ الله يستجيب لمَن يسألُهُ: “كلُّ ما تطلبونَهُ من الآبِ باسمي تنالونَهُ” (يو 16، 23). وافتتحَ يسوعُ رسالتَهُ العلنيّةَ فوقَ جبلِ التطويبات، بخُطابٍ يحُثُّ فيهِ على الاختلاءِ باللهِ والصّلاة، ويُؤكِّدُ على استجابةِ الآبِ السماويّ لمن يسألُهُ: “إسألوا تُعطوا، أطلبوا تجِدوا، إقرعوا يُفتح لكم” (مت 7،7).
إذا كُنتَ تُريدُ أن تعرِفَ إذا كانَ اللهُ حقًّا مُصغيًا لَك، عليكَ أوّلًا أن تُكلَّمَهُ. لا تتردَّد. فهو ينتظِرُكَ كي تُكلِّمَهُ. ليسَ سهلًا أن تؤمنَ سريعًا بأنّ الله يُصغي لَك، لأنّكَ نادرًا ما تحصُلُ منهُ على جوابٍ مُباشرٍ. لا تَدَعْ ذَلِكَ يُحطِّمُ عَزمَكَ. وأنتَ متى تأمَّلتَ حياتَكَ كاملةً، سترى كيفَ كان اللهُ حاضرًا دائمًا، وكيفَ كانت يدُهُ تَعمَل، يُعطيكَ سؤلَ قلبِكَ في حينِهِ.
هل الله يُصغي لَك؟ بالطبع. إذا كان غيرَ مُصغٍ فلَن يكونَ الله. فهل لخالقٍ أن ينسى خَلقَهُ؟ وهل مِن مُستحيلٍ على إلهٍ قادِرٍ على كُلِّ شيء؟ وهل يُمكنُ للَّهِ الرحمةِ أن يُغلِقَ حشاهُ عنّا؟ لقد قالها يسوع: “فإِذا كُنْتُم أَنتُمُ الأَشرارَ تَعرِفونَ أَن تُعْطُوا العَطايا الصَّالِحَةَ لأَبنائِكُم، فما أَولى أَباكُمُ الَّذي في السَّمَوات بِأَن يُعْطِيَ ما هو صالِحٌ لِلَّذينَ يَسأَلونَه!” (مت 7، 11).
اترك تعليقًا