تُهاجم وسائلُ الإعلام الكنيسةَ في الآونة الأخيرة، وكأنّ حديث السوء عنها بات موضةً مُربحة. وتطالُ الافتراءات الكنيسةَ رعاةً وشعبًا. أمّا تعريف القدّيس بولس عن الكنيسة، فهو أنّها جسد المسيح، وهذا إيماننا. وكلّ افتراءٍ كاذبٍ وعلني على الكنيسة، فهو تعدٍّ فاضح ووقح وتدنيس مباشر لجسد المسيح، وهو بالتالي قدّاس أسود علنيّ.
قد يقول البعض أنّ غيرتهم على بيت الله تدفعهم للكتابة ضدّ الرؤساء. في الواقع، لا أتذكّر أبدًا إصلاحًا حدث في الكنيسة بعد أن عوى إعلامي مسعور على الهواء. فالإصلاح لا يأتي إلّا من داخل الكنيسة، لا يتحقّق إلّا من خلال الحبّ الذي يُفني عُمرنا من أجلها. من كان قلبه على الكنيسة فليتبع نهج الأسيزي والأفيليّة ويوحنّا الصليب. هؤلاء أصلحوا الكنيسة في العمق.
وإن كان بعض الرؤساء غيرَ أمناء، وهذا الواقع، فقد أعطانا يسوع طريقة إصلاحهم في حديثه عن النصح الأخوي (متّى 18، 15-20). فأنت متى رأيت في الكنيسة من يُسيء الأمانة فلتتوجّه إليه منفردًا. وإذا لم يسمع لك، فلتُحضر شاهدًا معك. وإذا لم يسمعك للمرّة الثالثة فلتدعُ الكنيسة. وإذا ظلّ بعد ذلك يسيرُ مسلك الأشرار، فليكن عندك كالوثني. هذا كلام يسوع، الذي لم يقدّم التشهير أبدًا كحلٍّ للنزاعات، أو كسبيلٍ لإصلاح الجماعة المؤمنة. فمنطق التشهير هذا لا أعرفُ من أين جاءنا، لكنّه بالطبع ليس مسيحيًّا.
الإعلام حرّ، فليبقَ كذلك. ومن أساء استعمال حريّته فليتُب. ليست حريّة الإعلام أن يكونَ أربابه مستعبدين للمال، وأقلامهم مُشتراة بأموالٍ ترتدي العباءات. وليست حريّة الإعلام عبوديّة لغرائزيّة الفضائح والتشهير. الإعلام حرّ، إذن هو مقدّس، لأنّ الحريّة من الله. لا تجعلوا منه حريّة ساقطة، واحذروا القدّاس الأسود.
اترك تعليقًا