يومَ ابتعدَ الناسُ عَن تأمُّلِ الكتابِ المُقدَّس، حوَّلوا بعضَ آياتِهِ إلى أمثالٍ شعبيّةٍ، جرَّدوها مِن معناها الحقيقيّ، وحمَّلوها بعضَ ثقافَتِهم، علَّها تتماشى هي معَهُم، بدلَ أن يمشوا هُم في ضوئِها. مِن بينِ تلكَ الآياتِ ما قالَهُ يسوعُ، أنَّ “ما مِن خَفِيٍّ إِلاَّ سَيُظهَر، ولا مِن مَكتومٍ إلَّا سَيُعلَمُ ويُعلَن” (لو 8، 17؛ 12، 2)، الَّتي صارَت كالمثلِ الشعبيِّ الكثيرِ الترداد، يُعلِنُ رغبةَ قائلِهِ بانكشافِ حقيقةٍ زمنيّةٍ مُعيّنة. استمر في القراءة “ما مِن خفيٍّ إلَّا سيُظهر”
بينَ البَسَاطةِ والغباءِ أميالٌ مِنَ المَعرِفة
يُنادى بالغباءِ باسمِ البساطة. ويُنادى بتكفيرِ الفكرِ كأنّهُ عدوُّ الله. ويُنادى بتكفيرِ المُفَكِّرين كأنّهم أعداءُ الإيمان. تُصوَّرُ سبلُ العقلِ متاهةً، مَن سلكَها ضاعَ. وتُصوَّرُ المعرفةُ فخًّا، مَن مرَّ بها سقطَ. أمّا الجهلُ فيُمدَحُ. شيمةُ البسطاءِ يُعتَقَدُ. يُقالُ فيهِ دربُ القداسة، مَن سارَ بهِ وصلَ.
استمر في القراءة “بينَ البَسَاطةِ والغباءِ أميالٌ مِنَ المَعرِفة”
يَنبَغي أن أكونَ في ما هو لأبي
اللهُ يدعو مَن يشاء. وحكمتُهُ في اختيارِ أحدِهِم للحياةِ المُكرّسةِ تفوقُ أيَّ حكمةٍ بشريَّةٍ. لا تتشابهُ تمامًا قِصَصُ المدعوّينَ لأنَّ لِكُلِّ واحدٍ منهُم سيرةٌ فريدةٌ معَ الله. حينَ يختارُ أحَدُهُم الحياةَ المُكرّسة، ساعيًا لتلبيةِ دعوةِ اللهِ لهُ، قد يواجهُ قبولَ أهلِهِ وتشجيعَهُم، ولكنَّهُ قد يَصطَدِمُ برفضِهِم، إذ يُحاوِلونَ ثَنيَهُ عَن خيارِهِ بشتّى الطُرُق. يُعبِّرونَ عن انزعاجهم، يتمنُّون العدولَ عَن قرارِ التكرُّس، يفرضونَ ما يرونَهُ مُناسبًا، وحتّى في بعضِ الأحيان، يُعادونَ أولادَهم. استمر في القراءة “يَنبَغي أن أكونَ في ما هو لأبي”
المسيحيّون والقدر
غالبًا ما يُحمّلُ الإنسانُ القدرَ مسؤوليّةَ الأحداثَ التي تُصادِفُهُ ولا يجدُ لها أيَّ سببٍ ملموسٍ، فيُلقي على اللهِ مسؤوليّةَ ما يصيبُهُ من أفراحٍ وأتراح. فيُخيّلُ لنا أحيانًا أنّ الله الكُليِّ القّدرة، يجلسُ في عليائِهِ، يختارُ لهذا عملًا، ولذاكَ زواجًا، ولآخرَ إنجابًا، ويُبلي بعض الناسِ بالمآسي والأحزان، ويُخصّص البعضَ الآخر بالأفراحِ والنّجاح. وكأنّنا، كما جاءَ التعبيرُ على لسان الفيلسوف هيراقليطُس، حجارةُ داما في لُعبةِ الزمانِ اللّا منطقيّة. استمر في القراءة “المسيحيّون والقدر”
المسيحيّون والجدالات: هل يحتاجُ اللهُ لمن يُدافِعُ عنهُ؟
إشتهرَ العربُ باقتتالهم الطائفيّ التاريخيّ الذي لم يتوقّفْ منذُ نشأتِهِم، وقد نقلوا حروبَهُم الطائفيّة مؤخّرًا إلى عالم الإنترنت. ولم يفوّتوا الفُرَصَ السانحة للشتمِ والإهانة والتعيّير. أمّا المسيحيّونَ العرب فقد دخَلَ بعضهُم المعركة وتفانوا بممارسة جميعِ أنواعِ الشتمِ، ممّا وَفَّرَتهُ لهُم الثقافة السائدة، بحجّة الدفاع عن إيمانهم. لذلك، لا بُدَّ من إلقاء الضوءِ على السلوكِ المسيحيّ بشكلٍ عامٍ في الجدالات الحاليّة، خصوصًا الانحرافات المُنتشرة في عالم الانترنت التي لا تُشبهُ المسيحيّة بشيء.
استمر في القراءة “المسيحيّون والجدالات: هل يحتاجُ اللهُ لمن يُدافِعُ عنهُ؟”
إنتصرنا على الإرهاب
سُحقَت رأسُ الأفعى برِجلِ رضيعٍ، أُخزيَ الموتُ وسلطانُهُ بميلادِ وضيعٍ متواضعٍ في إسطبلٍ حقير. اليومَ ماتَ الإرهابُ وانتهى، فهل نخافُهُ؟ بهِ يستهزئُ السيّدُ الإله الجالسُ على العرشِ. ماذا يفصُلنا عنهُ بعدُ؟ أتهديدٌ أم ترحيلٌ؟ ماذا ينزعُ اسمُهُ عنّا بعدُ؟ أخِططٌ غربيّة أم بربريةٌ عربيّة؟ لا شيء، ولا أيُّ شيءٍ، لأنَّهُ وُلِدَ. استمر في القراءة “إنتصرنا على الإرهاب”
ضحايا صغيرة دمّرها طلاق الوالدَين
كان لا بدّ لعلاقتهما أن تنتهي لأنّ العيش معًا لم يعُد يُطاق. فهو يُكثرُ من أذيّتها في كلِّ يومٍ يعودُ فيه إلى المنزل وهي لم تعُد تشعرُ نحوهُ بأيّ عطفٍ. كلاهُما يصرّان على الانفصال، وكلاهما أخذا يحلُمان بمستقبليهما بعيدًا عن حالة الزواج الأولى. لم ينتبه أحد منهما إلى ابن التسع سنوات. فلا رأيُهُ يهمّ، ولا أحلامُه، ولا مُستقبلُهُ. هو لم يكُن موجودًا بالنسبة لهما طيلة فترة النزاع، إلّا عندما احتاجا لشهادته أمام المحكمة. أرادا الطلاق بأيّ ثمن. أرادا الطلاق فكان هو الثمن. استمر في القراءة “ضحايا صغيرة دمّرها طلاق الوالدَين”
ماذا بعد الطلاق؟
لا يعرفُ فادي البالغ من العُمر تسع سنوات إذا كانت والدتُهُ فعلًا قد تخلّت عنهُ كما أخبرهُ والدُهُ، أم أنّ والدهُ قد انتزعُهُ منها بالقوّة كما أخبرتهُ هي. لطالما أحبّهُما كليهما، لكنّ مزاعمهما تؤكّدانِ لهُ أنّ أحدهُما شرّيرٌ وكاذب. في الواقع، كان اللقاءُ الأخيرُ بينهُما أمام القاضي الروحي، ومُذّاكَ تحدّثا بعض مرّاتٍ في الهاتف ليتبادلا السبابَ والشتيمة وليتنازعا على ثمرة “حبّهما”. قصّةُ فادي ووالديه المطلّقَين، وإن كانت من نسج الخيال، تُحاكي آلاف القصص التي نشهدُها في مُجتمعنا الحالي.
إغضبْ! لأنّ الغضبَ مُفيد
لا يمضي علينا يومٌ لا نشعُرُ فيه بالغضب لما تتسبّبهُ لنا الأحداثُ والأوضاع من توتُّرٍ دائمٍ. والحالُ أنّ الغضبَ يجرُّ الغضب، فيجدُ الواحدُ نفسه كثيرَ التوتُّر لدرجة أنّه يفور انفعالًا لأتفه الأسباب. ولانفعالهِ الكثير من النتائج السلبيّة التي تصلُ إلى حدّ إهانة الآخرين وأذيّتهم أو التسبّب بأزماتٍ كبيرة. ومن مَلَكَهُ الغضبُ نغّصَ لهُ عيشهُ. فليس فينا من لا يبحثُ عن حلٍّ لغضبه، ولو أمكننا التخلّص منه لما قصّرنا.
على منوالٍ آخر، يُخيفُني ما يحصُلُ اليوم في مُجتمعاتنا من تعبيرٍ عنيفٍ عن الغضب. فالواقعُ أنّ من يُراقب ما يصيرُ في شوارعنا يلحظُ الضغطَ النفسيَّ الذي ما عاد يُطاق.
أخافُ على الإعلام المسيحيّ… ومنه
أن يسير الإعلامُ بشكلٍ عام نحو الهاوية وأن يتخلّى عن أخلاقيّاته مقابل حفنات النقود، أمرٌ متوقّع في عصرنا الاستهلاكي، وفي منظومة “العالم الجديد”. لطالما كان الإعلامُ قيمة إيجابيّة بذاته، لكنّ الممارسات الحديثة لأكثر وسائل الإعلام باتت مناقضة لجوهره. فهناك من يزوّر الحقائق أو من يختلق الأكاذيب، وهناك من يتبنّى أسلوب الفضائحيّة. ناهيك عن المضامين السخيفة لأغلبيّة المواد الإعلاميّة أكانت مرئيّةً أو مسموعةً أو مكتوبة. أمّا أن يكون الفشلُ الإعلاميّ متفشيًّا أيضًا في عالم الإعلام الديني أمرٌ يستدعي القلق. استمر في القراءة “أخافُ على الإعلام المسيحيّ… ومنه”