يُفرحُنا أن نرى بيننا شُبّانَ وشابات، يبحثونَ بجدّيّةٍ عن اختباراتٍ شخصيّةٍ تجمعُهُم بيسوع. فهؤلاء، الّذين يزدادونَ عددًا في عالمٍ يبحثُ عنِ المعنى الحقيقيّ للحياة، تخطّوا مظاهِرَ التديُّن الّذي يقوم على شعائرَ وطقوس، وراحوا يبحثونَ جدّيًّا عَن علاقةٍ تجمعُهُم بمخلّصِهِم، يختبرونَ من خلالها قربَهُ الحقيقيّ منهم.
هذا البُعد الشخصيّ للعلاقة الّتي تجمَعُ المؤمِن بيسوع أساسيٌّ، لأنَّهُ إذا غاب، صار الإيمانُ خارجًا عن الإنسان، وصارَت المسيحيّةُ مجموعةً فارغةً مِن العادات والتقاليد والمظاهر الدينيّة. فللمسيحيّة طقوس، لكنّها ليسَت مجرّد طقوس. وللمسيحيّة عادات وتقاليد، لكنّها ليسَت مجرّد عادات وتقاليد. وفي المسيحيّة هيكليّة مُنظّمة تضمنُ استقامة التعليمِ وحُسنَ التدبير، لكنّها ليسَت مُجرّدَ هيكليّة.
إذَن، ما نلاحظه اليومَ لدى المؤمنين من رغبةٍ واستعدادٍ لقبول مُبادرة يسوع والالتزام معهُ بعلاقةٍ شخصيّةٍ حميمةٍ جدّيّة، هو بشير خيرٍ يبعثُ الرجاء في قلوبنا. لكنّ تجربتَين تُهدّدان المؤمنين لا بُدَّ مِن التنبُّهِ مِنهُما.
التجربة الأولى هي الاعتقاد أنَّ العلاقة الشخصيّة بيسوع تعني الفرديّة، فيصير المؤمِنُ مُنعزلًا عَن الكنيسة، يُصلّي مَن دونِها وخارجًا عنها. فتكون صلاتُهُ أوّلًا مِن أجلِهِ هو ومن أجلِ حاجاتِهِ، فتَتَّسِمَ بنوعٍ مِن الأنانيّة، فلا يعودُ يشعُرُ بالرغبةِ بالصلاة أو اللقاء بيسوع إلّا في حالة عوزِه. كما يجِدُ المؤمِنُ نفسَهُ مُجاهدًا وحيدًا في مسيرةٍ روحيّةٍ لَم تكُن يومًا سهلة، لا يُسانِدُه أحدٌ في الطريق، ولا تُقيمه جماعة إذا سقط يومًا.
أمّا التجربة الثانية فهي اعتقاد المؤمِن أنّهُ لا يحتاجُ إلى طقوسٍ لممارسة إيمانِهِ. وينتُجُ عَن هذا الاعتقاد رفضًا كاملًا أو جُزئيًّا لممارسة الأسرار. والمثال الأكثر شيوعًا هو رفض العديد من الشبّان والشابات التقرّب من سرّ الاعتراف بحجّة اللجوء إلى يسوع مباشرة.
في الواقع، لا يُمكِن للمسيحيّ أن يحيا إيمانَهُ خارجًا عن الكنيسة أُمِّهِ الّتي تنقُلُ إليهِ الإيمان. فيها يختبرُ اللقاء الحقيقيّ مع يسوع. وهي تُساعِدُهُ في فهمِ هذا اللقاء. فلا يبقى الإنسانُ أسيرَ تجاربِهِ واختباراته الّتي، على أهميّتها، تبقى محدودة. فالكنيسة هي ضمانة استقامة الإيمان، الّتي تحمي المؤمِن من روحِ الفرديّة، ومِن تجربة تفصيلِ إلهٍ وديانةٍ على مقاسِهِ.
من ناحيةٍ أخرى، نحنُ نعلَمُ أنَّ مَن يُحبّ يسوع، يقتدي بهِ، ويُحبّ إخوتَهُ كما أحبّهُ يسوع. واللقاء الحقيقيّ مع يسوع، من شأنِهِ أن يزيدَ الإنسانَ حُبًّا للآخرين. هكذا يصيرُ كُلُّ لقاءٍ شخصيٍّ مع يسوع من أجلِ الآخرين وحُبًّا بهم! فلنتشجَّع جميعًا لخوضِ مُغامرة اللقاء الشخصي اليومي معَ يسوع، ولنحرُص على أن يكونَ مِن أجلِ الآخرين، وأن يزيدنا حُبًّا وتعلّقًا بالكنيسة.
اترك تعليقًا