يمضي العُمرُ ونحنُ مُقتنعونَ أنّ لا شيءَ لنا يُغنينا عنكَ. ولكنّنا نُدركُ أنّنا تعلَّقنا بضماناتٍ أُخرى يومَ نخسرُها. ونُدرِكُ أنّنا يومَ أعلنّا أنَّنا معَكَ، كُنّا ما زلنا عنكَ بعيدين. فمعَ كُلِّ خطوةٍ تُقرِّبُنا إليكَ، نُدركُ فراغَنا وحاجتَنا إليك. تسقُطُ الأشياءُ وتزول، تُبادُ الضمانات، حتّى الناسُ يموتون، ولا يبقى إلّاكَ.
حينَ يدلهمُّ النهارُ ويخنقُ القلقُ كلَّ شهيقِ أملٍ. حينَ نتعبُ من اللّا معنى، من الأحلامِ الضيّقة، من التوّكلِ على نفوسِنا الصغيرة، من السيرِ في ما لا نفهم. حينَ نموتُ من كثرةِ حربنِا على الموت. حينَ نخلعُ عن مناكِبِنا تُرسَ المعركة، حينَ تسقُطُ من قبضاتِنا أسلحةٌ مُتكسّرة. حينها لا يبقى إلّاكَ.
حينَ يزولُ كلُّ شيء، لن يبقى إلّا أنت، لأنّ لا أحد ولا شيءَ سواك. لكنَّ إدراكَ ألّا سواك صعبٌ جدًّا. هي رحلةٌ في تَركِ كلِّ شيء. هي رحلةُ خُسرانٍ كبيرة. هي رحلةُ تعرٍّ طويلة. لا يبقى بعدها إلّاكَ.
قُدني ربِّ، إلى هُناكَ، إلى الأبعدِ من البعيد. قُدني إلى ذاكَ الزَمن. أُريدُهُ. حينَ لا يبقى إلّاكَ.
اترك تعليقًا